تحمل لنا الأيام الغرائب والمفارقات، تحمل لنا قصص وروايات، منها الخيالي المبالغ فيه، ومنها الحقيقي الواقعي، وقصتنا اليوم يا سادة هي مقارنة بسيطة بين من يدعي أنه يمثل الشعب الفلسطيني، وبين من هو ليس فلسطيني الأصل ولا مسلم الديانة، لكنه بالتأكيد أكثر اخلاصاً وأمانة من صاحب الادعاء بالزعامة.
القصة يا سادة يا كرام دافعها اليوم تحديداً عودة فيتوريو الايطالي إلى غزة، على متن سفينة الكرامة في رحلتها الخامسة، بعد أيام من تصريحات عبّاس المشينة.
ساق هذا العباس قبل أيام وتحديداً يوم 11/12/2008 في لقاء مع صحيفة الشرق الأوسط، ساق سلسلة لا متناهية من الأكاذيب التي أصبح متخصصاً فيها وسيدها دون منازع، ومن هذه الأكاذيب ما ذكره باستهزاء واستخفاف عن سفن كسر الحصار ومن شارك فيها من متضامنين دوليين، ليقول وبالنص"هذه لعبة سخيفة اسمها كسر الحصار.. السفن تنطلق من ميناء لارنكا القبرصي..صحيح. أولا السفارة الإسرائيلية تأخذ كل جوازات سفر من سيركب السفينة للتأكد من هويات المسافرين ثم تتفحص ما ستحمله السفينة من مساعدات. ثانيا قطع البحرية الإسرائيلية تعترض طريق هذه السفن وتتأكد من الموجودين على السفينة والبضائع المحملة، قبل ان تسمح لهم بمواصلة الرحلة الى غزة.. فأين هو كسر الحصار. حصل أن بعض الدول قالت انها ستبعث سفننا.. اين هي تلك السفن"، مضيفاً "وبعدين اذا كنت تريد إرسال مساعدات الى غزة لماذا لا ترسلوها عبر مصر أو الأردن.. مصر توصل كل شيء وكذلك الأردن. وبالتالي فان هذه دعاية كاذبة ورخيصة ومزاودة لا أول لها ولا آخر. اذا من يصل من لارنكا مراقب بل موافق عليه"
نسي عبّاس أنه وركوباً لموجة كسر الحصار قام بالاتصال بالنشطاء الذين وصلوا لأول مرة إلى غزة في شهر أغسطس/آب الماضي، مهنئاً ومرحباً، لتعتبر بعض الأبواق المحيطة به أن سفن كسر الحصار جاءت بايعاز من "سيادته"، لكنه ربما لم ينس بل ساءه أن يكسر حصار يفرضه هو ومن لف لفه، مشاركاً ومحرضاً ومساهماً، وأزعجه نجاح تلك القوارب والسفن في الوصول لغزة التي يريد أن يطوقها ويخنقها.
تصدى لتلك الأكاديب الرخيصة كمطلقها كل من ساهم وشارك في كسر الحصار من الحملة الدولية والحملة الشعبية والحملة الأوربية لكسر الحصار عن غزة، من د. مصطفى البرغوثي الذي شاركته الرحلة الثانية لكسر الحصار، من حملة غزة الحرة التي سيرت الرحلات وما زالت لتعتبر في بيان لها بالأمس أن من يهاجم الجهود لكسر الحصار لا يصلح أن يكون زعيماً فلسطينياً، ومن كل من شارك في الرحلات المتتالية.
الوقاحة وصلت بمستشار عبّاس نمر حماد وفي محاولة للعق تصريحاته الأكثر وقاحة، برر حماد التصريحات بأن ما قصده عباس هو أن "سيادة الرئيس محمود عباس أوضح أن الإجراءات الإسرائيلية الخاصة بتفتيش السفن وحجز جوازات سفر المتضامنين مع شعبنا في قطاع غزة، إنما هي إجراءات سخيفة من جانب السلطات الإسرائيلية"، أي أنه حاول تبرير الكذبة بكذبة أكبر منها من خلال اصراره على كذبة التفتيش وحجز الجوازات، أي وقاحة وصفاقة تلك؟
مع هذه الجزئية كانت هناك أكاذيب أخرى يندى لها الجبين، مكشوفة وواضحة لم يخجل منها هذا العبّاس، وبطبيعة الحال لن ندخل في مجال الرد عليها، فقد تفوق عبّاس على الجميع، حيث بات من الصعب متابعة أكاذيبه وتفنيدها لكثرتها وكثرة تكرارها، ووصل إلى أعلى الدرجات، ولا نبالغ ان قلنا أن أنه سيضاف لسجل المطلق في الأمثال، لنقول أكرم من حاتم، وأحمق من هبنقة، وأكذب من عبّاس.
يقابل هذا الافلاس والكذب قصة فيتوريو، المتضامن الايطالي الذي استسخفه عبّاس، واعتبر ما يقوم به ورفاقه دعاية كاذبة ومزاودة رخيصة، والحق انني التقيت بيفتوريو مرة واحدة في ميناء غزة حيث كان من أوائل من استقبلنا بعد رحلة شاقة من لارنكا القبرصية لنكون أحد السخفاء اللأجعياء المزاودين حسب وصف عبّاس.
فيتوريو وصل قطاع غزة على متن أول قوارب كسر الحصار في شهر أغسطس/آب الماضي، في رحلة استغرقت 35 ساعة في البحر، وبقي في غزة حين عاد القارب، ليرافق الصيادين الفلسطينيين، ويواجه معهم عربدة بحرية الاحتلال، ويوثق ويكتب وينشر عن تلك العربدة، وفي يوم 16/09/2008 أصيب فيتوريو أمام بحر خان يونس بعد اعتداء بحرية الاحتلال على قوارب الصيادين وهومعهم، لكنه لم يتراجع عن الهدف الذي من أجله ترك بلده وأهله.
فيتوريو أريغوني وفي رحلة أخرى مع الصيادين اعتقل بتاريخ 18/11/2008 مع اثنين من زملائه و15 صياد فلسطيني سرقت قوات الاحتلال قواربهم، وزجت بفيتورويو وزميليه في سجن الرملة، وأفرجت بعد 24 ساعة عن الصيادين دون قواربهم، هل تعلمون ما الذي فعله فيتويريو؟ رفض أمر ترحيله وأضرب وزميليه عن الطعام حتى تعيد سلطات الاحتلال القوارب لأصحابها، وحين اضطر لكسر الاضراب دون زميليه وباتفاق معهما صرح قال في رسالة سربها من معتقله في سجن الرملة :انه وزملاءه يعانون من حالة سيئة جراء ظروف اعتقالهم غير الإنسانية، مؤكداً أنهم لن يتراجعوا عن موقفهم رغم هذه الظروف.
وقال أريغوني: "لقد أمضينا أنا وآندرو طوال الساعات الست الأخيرة في مكان كمرحاض أشبه بالزريبة مليئة بالبعوض والطفيليات ودون ماء للشرب، دون أي احترام لحقوق الإنسان وفي انتهاك ضد القانون الدولي".
وأضاف "هذه هي المعاملة التي تلقيناها عندما أعلنا الإضراب عن الطعام مطالبين إسرائيل بإعادة قوارب الصيد التي سرقت من الصيادين الفلسطينيين، عندما تم اختطافنا من قبل الجنود الإسرائيليين".
وأوضح أن السلطات الإسرائيلية منعته هو وزميله آندرو من الاتصال بالخارج، حيث أخذوا منهم الهواتف التي أعطيت لهما من قبل المحامين، ورفضوا أن يلتقي بهما محاميهما ومع قنصليتي بلديهما على الرغم من مطالبتهما المتواصلة لذلك.
وأعرب فيتوريو عن أسفه لإعلان وقف إضرابه عن الطعام، موضحاً أنه اضطر إلى ذلك في سبيل الحصول على هاتفه والتصريح لتمرير هذه الرسالة والتواصل مع العالم الخارجي، مؤكداً على التزامه وزملاءه بموقفهما الداعم للفلسطينيين وحق الصيادين في استعادة قواربهم، في وقت قرر فيه آندرو مواصلة إضرابه.
وقال: "تعتبر حالة الاعتقال التي عشناها اليوم كانت عبارة عن تعذيب حقيقي أكثر منها عقوبة تعرضنا لها من قبل إسرائيل، فيما تواجه زميلتنا دارلين معاملة لا إنسانية مماثلة، حيث أنها تواصل إضرابها عن الطعام أيضاً".
وأشار إلى أنه سيواصل الاتصال من أجل نقل ما يحدث معهم في الاعتقال في سجن الرملة الإسرائيلي، منوهاً إلى أنه سيبعث تقريراً إلى القنصليات الأمريكية والإيطالية والاسكتلندية حول ما يحدث.
وأكد أنه سيتوجه اليوم إلى العيادة من أجل تلقي علاج عاجل جراء عشرات اللدغات من قبل الحشرات، التي واصلت هجومها ضدنا، وتركت جسدي مليئاً بالقروح والإصابات"
المهم أعادت سلطات الاحتلال القوارب لأصحابها، ووافق فيتورويو وزميليه على الترحيل إلى بلدانهم الأصلية، ليعود إلى ايطاليا، وليصدر بياناً يطالب فيه من يعرفه بأن لا يعتبره جبان، حيث لم يكن لديه خيار الا القبول بترحيله.
لم تنته القصة يا سادة، اليوم وتحديداً 20/12/2008 عاد فيتورويو إلى غزة على متن سفينة الكرامة الخامسة، أتدرون ما كان أول ما قام به فيتوريو عند نزوله من القارب، سجد وقبل تراب غزة فراً بعودته إليها، نعم سجد وقبل تراب غزة وهو غير الفلسطيني غير المسلم، الشجاع اللا جبان، الذي عاد لغزة رغم أنف المحتل ودون اذن منه ولا قبول كما كذب عبّاس المفلس.
فيتوريو يدخل غزة ويعود وهو حر دون اذن أو تصريح من المحتل أو غيره، ودون فحص جوازات السفر أو تفتيش الاحتلال لا في لارنكا ولا في البحر، لا هو ولا كل من وصلوا غزة، أما عبّاس فقد قبل الذلة والمهانة ليتحرك بأمر المحتل ورضاه، وليعترف بنفسه في ذات اللقاء مع صحيفة الشرق الأوسط قائلاً " يا أخي اذا كنت لا أستطيع ان اسمح لنفسي بالخروج من دون إذن الإسرائيليين. وأكثر من هيك فان التنظيمات الفلسطينية الأخرى المشاركة لم يسمح لبعض أعضاء وفدها من الضفة بالخروج، منهم خالدة جرار من الجبهة الشعبية، وهشام ابو غوش.. رفضت السلطات الإسرائيلية السماح لهم بالخروج.. إذن انا لا املك قرار السماح لأي احد بالخروج".
بالله عليكم من هو المخلص ومن هو المفلس، بالله عليكم كم مرة سجد عبّاس وقبل تراب فلسطين؟،بالله عليكم من هو الفلسطيني ومن هو الغريب؟ بالله عليكم من هو الجبان ومن هو البطل؟ بالله عليكم من يستحق الاحترام والتقدير ومن هو السخيف عديم الأخلاق والمباديء؟
الكذب الرسمي هو أعلى درجات الافلاس، المفلس أخلاقياً يتظاهر بالطهارة والعفة، والمفلس وطنياً يدعي أنه الأحرص على المصلحة، ويسبغ على نفسه الألقاب والصفات، ليصبح رئيساً مضاعفاً أو مثلثاً!، والمفلس دينياً يتلبس دور الايمان والورع حتى ولو ضحى بآلاف الحجاج ومنعهم من الحج وذهب هو للحج اثباتاً لذلك، والمفلس من كل شيء يلجأ للكذب للتدليل على براعته وحنكته المزعومة، وعبّاس جمع كل هذه الافلاسات.
بين فيتوريو المخلص وعباس المفلس فرق كبير جداً، وليعذرني فيتوريو لمقارنته بمفلس عديم الاحساس والأخلاق اسمه محمود عبّاس، وليقبل مني التحية والتقدير والشكر.
لا نامت أعين الجبناء
د.إبراهيم حمّامي DrHamami@Hotmail.com
20/12/2008
No comments:
Post a Comment